أخبار عاجلة

الدين هو الحب.. وطريقنا طريق المحبة

في الحقيقة عندما بدأت أبحث عن أسباب عدم الاستجابة للتغيير والدعوة للتخلق بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وجدت أن السبب الرئيس هو عدم وجود الحب، ووجدت أيضًا أن موانع دخول الجنة أغلبها يتعلق بالحب…

السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية

ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية

الدين هو الحب.. وطريقنا طريق المحبة

في المقال الماضي حدثتكم عما فعلته لنشر الأخلاق المحمدية بينكم، وحدثتكم عن مكاسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الاجتماعية من تخلقه بمكارم الأخلاق، وقلت لكم: إن صاحب الخلق الحسن له جنتان: جنة الرضا في الدنيا، والنعيم المقيم في الآخرة.

 

وفي النهاية طالبتكم بضرورة التغيير الفوري، وفي كلمتي بليلة الإسراء والمعراج أخبرتكم أن التغيير لم يعد خيارًا بل أصبح لزامًا، وأنه عليكم أن تتغيروا سواء طوعًا أو كرهًا.

 

في الحقيقة عندما بدأت أبحث عن أسباب عدم الاستجابة للتغيير والدعوة للتخلق بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وجدت أن السبب الرئيس هو عدم وجود الحب، ووجدت أيضًا أن موانع دخول الجنة أغلبها يتعلق بالحب.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تدخلوا الجنة؛ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا؛ حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)، أي أن من لا يحب الناس لن يدخل الجنة.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)، أي لا يحب جيرانه ويؤذيهم.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، أي لا يحب الناس ويتكبر عليهم.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة نمام)، أي الشخص الذي لا يحب الناس، ويسعى لإيقاع الفتنة بإشاعة أخبار كاذبة بقصد الإساءة.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، أي الشخص الذي لا يحب أقرباءه.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يدخل الجنة منَّان، ولا عاق والديه، ولا مدمن خمر)، أي لا يحب الناس فيمنُّ عليهم، ولا يحب والديه ويعاملهم بطريقة لا تليق.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث)، والأخير شخص لا يحب محارمه فيغار عليهم.

 

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا)، أي الشخص الذي لا يحب شركاءه في الوطن ويقتلهم لن يدخل الجنة.

 

لماذا الحب؟

 

قد يتساءل البعض لماذا يوجد هذا الرابط الكبير بين الجنة والمحبة؟.

 

الإجابة تأتينا من الأئمة الورثة لنور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

قال أول الأئمة المجددين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: (إن أفضل الدين الحب في الله، والبغض في الله، والأخذ في الله، والبكاء في الله).

 

فاعتبر بذلك أن أفضل الدين هو الحب.

 

ثم جاء الإمام محمد الباقر عليه السلام ليحصر مفهوم الدين كله في الحب، فقال: (وهل الدين إلا الحب؟).

 

واعتبر الإمام المجدد الثاني الإمام جعفر الصادق عليه السلام أن أفضلية المؤمن على المؤمن تكون بالحب، فقال: (ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لأخيه). وفي حديث آخر: (أشدهما حبًّا لصاحبه).

 

وزاد عليه السلام تفصيلًا، وشرح مقولة والده الإمام الباقر عليه السلام ، فقال: (كل من لم يحب على الدين، ولم يبغض على الدين، فلا دين له).

 

واعتبر أن محبة الإخوان محبة للدين، فقال عليه السلام: (من حب الرجل دينه؛ حبه إخوانه).

 

ولقد استمر أئمة أهل البيت المجددون الورثة إمام تلو إمام يحث الناس على الحب، حتى وصلنا لخاتم الورَّاث المحمديين الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبي العزائم رضي الله عنه، الذي أعلنها صراحة بقوله:

 

الحـــب مبدأنا والوجــــه قبلتنا

والمصطفى قدوتي فاعلم مراقينا

 

حيث جعل الإمام أبو العزائم الحب مبدأ طريقه، وبما أن الحب هو المبدأ، فمن لم يتحلى بالحب لله عز وجل ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأئمة أهل البيت مجتمعين ولإخوانه جميعًا، فهو لم يدخل الطريق بعد؛ لأنه لم يخطُ خطوة البداية.

 

بداية طريقنا هو الحب، وقد قلت لكم: إن من لم يتخلق بالصدق والأمانة لم يدخل الإسلام بعد، وكذلك أي شخص لا يحب من ذكرتهم فهو لم يدخل طريقنا بعد، وإن صحبنا وقرأ أورادنا وحضر مجالسنا وطعم طعامنا، طالما أنه لم يحبنا ويحب إخوانه في الله فهو ليس منا ولا معنا.

 

قال الإمام أبو العزائم في كتابه (اصطلاحات الصوفية): (الحب باب الشهود، فإذا أحببت فقد صح الورود، والحب إن كان بالعلم جذب إلى المحبوب، وإن كان بالشهود أصمت المحب؛ لأنه يعجز عن تصوير محبوبه بعبارة أو إشارة، ويجله عن أن يبين محبته غيرة على المحبوب، فإذا تجاوز الكشف صار المحب محبوبًا، فأشار إلى المحبة بقدر نفسه. والحب حبان:

1- حب منك لله في الله.

2- حب منك لأخيك في الله).

 

وسيرًا على سنة المجددين في التأكيد على أن الحب هو أفضل الدين، أو هو الدين كله، اعتبر الإمام أبو العزائم أن المحبة هي أساس الدين، فقال في (اصطلاحات الصوفية): (المحبة هي الأساس الذي أسس عليه الدين، ولولاها ما صبر رسول في الدعوة إلى الله، ولا بذل الأنصار والمجاهدون نفوسهم، وأموالهم، وأوطانهم، في سبيل الله، ولا صبر عبد على صلاة، ولا صيام، ولا حج، ولا بر، ولا صدقة، ولا جهاد، ومن لم يذق صافي شراب المحبة، وملأ بطاح الأرض وصفاح السماء بالعبادة، فإنما هو أجير سوء).

 

وقد أوضح الإمام أبو العزائم ستة أسباب للمحبة، فقال: (محبة الخلق تكون حادثة لأحد ست معان: لطبع، أو لجنس، أو لوصف، أو لهوى، أو لرحم ماسَّة، أو لتقرب بذلك إلى الله، فهذه حدود الشيء الذي يشبهه الشيء، والله يتعالى عن جميع ذلك).

 

كيف تكون المحبة؟

 

لقد رويت لكم مرارًا قصة “الحاوي”، الذي كان يأتي ويقوم ببعض الألعاب ثم يقول: (من يحب النبي يصفق)، فيصفق الجميع، ثم يقول: (من يحب النبي يدفع قرشًا)، فينصرف عنه معظم الناس.

 

رويت لكم هذه الرواية للتأكيد على أن المحبة القولية غير مقبولة، فلا يكفي أن تقول: أنا أحب إخواني أو أحب إمامي شفاهة، ثم تذم هذا، وتحاول فتنة ذلك، وتحارب ذاك، فأنت بذلك كذاب أشر، فلا بد أن تتوافق محبة الأقوال مع محبة الأعمال.

 

اعلموا أن المحبة القولية لا اعتبار لها، ولابد من المحبة العملية، لا تقول: أحب أهل البيت، ولا تدافع عنهم ولا تجهر بقضيتهم.

 

لا تقول: أنا أحب الإمام أبا العزائم، وأنت لا تنشر علومه وأخلاقه، وتحارب إخوانك.

 

لا تقول: أنا أحب الإمام القائم، وأنت لا تنفذ كلامه، ولا تستجيب لأوامره ولا تنتهي بنواهيه.

 

كفاكم محبة قولية، عليكم البدأ بالمحبة العملية، كونوا رجال أعمال لا أقوال، لقد قال الإمام أبو العزائم:

 

رَبِّ وَﭐجْمَعْ عَلَيَّ فَضْلًا رِجَالًا

يُظْهِرُونَ ﭐلإِسْلَامَ بِالأَعْمَالِ

 

أراد إمامنا أبو العزائم أن يكون رجاله رجال أعمال، لا رجال أقوال، وحيث إنه جعل المحبة مبدأ طريقه، فلا بد أن نرى المحبة ظاهرة بينكم.

 

لمن تكون المحبة؟

 

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي).

 

وقد صاغها الإمام عليٌّ بمزيد من التفصيل وأدخل الإخوان والمحبين فيها، فقال: (من أحب الله أحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن أحب النبي أحبنا، ومن أحبنا أحب شيعتنا، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن وشيعتنا من طينة واحدة، ونحن في الجنة، لا نبغض من يحبنا ولا نحب من أبغضنا).

 

بنص كلام الإمام عليٍّ فقد جعل حب الإخوان كحب الأئمة كحب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كحب الله، وقال إن النبي وأئمة أهل البيت ومحبيهم من طينة واحدة.

 

هذا يعني أنه لا يجوز بتاتًا أن يدعي البعض أنه يحب إمامًا من أئمة أهل البيت ولا يحب إخوانه، فهم “طينة واحدة”، إما أن يحبهم جميعًا، وإما أن يبغضهم جميعًا.

 

لذلك أدعوكم بوضوح تام لمحبة الله عز وجل ولمحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت وإخوانكم، محبة فعلية صادقة، لا تسمعها آذاننا منكم، ولكن تراها عيوننا من أفعالكم.

 

ميزان الحب

 

قال الإمام علي: (إن أفضل الدين الحب في الله)، وقال الإمام الصادق: (ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لأخيه).

 

وجاء الإمام أبو العزائم ليؤكد على هذه المعاني، ويوضح أن ميزان الحب له علامات، هي: الأخلاق والإيثار والتواضع، فقال في (مذكرة المرشدين والمسترشدين): (لما كان الحب إنما هو في الله لمعان يحبها الله تعالى ويحبها رسوله ويحبها الإخوان المؤمنون، أهمها: أن يكون الأخ يعتقد عقيدة إخوانه المؤمنين، ويرى رأيهم، ويعمل أعمالهم بحيث لا يخالفهم في معروف من الدين، ثم يكون ميزانه في الحب بقدر أخلاقه وإيثاره إخوانه على نفسه بأن يرى أنه أقل منهم).

 

ثم يزيدك الإمام، ويحذرك من أن تحب أخاك فقط؛ لأنه ذو مال أو جاه في الدنيا، فيقول: (إذا تحققت تلك الصفات في الأخ وجب حبه واحترامه وتعظيمه، وتقدمه على الوالد والوالدة والزوجة والأبناء؛ لأنه يعينك على السعادة الأبدية، ولو كان فقيرًا لا يملك قوت يومه، ولا يزيد حبه عندك إذا أصبح كنزًا من كنوز الله فبذل لك جميع ماله؛ لأن بذل المال أقل من بذل النفس، وإياك أن تحب أخاك؛ لأنه ذو مال أو ذو جاه، وتقدمه لذلك وتحترمه، فإن ذلك يقدح في الحب في الله).

 

ويوضح لك الإمام كيف تعرف الأخ الذي ليس لديه محبة لك، فيقول: (وإذا زارك أخ فرأيت منه أنه يحب نفسه أكثر مما يحبك، ويقدم لنفسه ما لا يحب أن يقدمه لك، فاعلم أنه لم يذق حلاوة المحبة ولم ينل منها ولا حبة).

 

ثمرة الحب

 

وعندما تحدث الإمام عن أهل الطريق الذين أرادهم، قال في ختام صفاتهم: (… قد بلغ بهم الحب في الله؛ حتى منحهم الله من المواهب ما غبطتهم عليه الملائكة والأنبياء. هذه علاماتهم وتلك صفاتهم .. فأين هم؟ .. ومن هم؟).

 

أرأيتم ثمرة الحب في الله؟: (منحهم الله من المواهب ما غبطتهم عليه الملائكة والأنبياء)، هذه مكافأة عاجلة وعد بها الإمام أبو العزائم المحبين الصادقين لإخوانهم في الله، بأن يمنحهم الله المواهب التي تغبطهم عليها الملائكة والأنبياء.

 

وهنا لنا وقفة: قال والدي السيد أحمد ماضي أبو العزائم: (وإنا نرى كثيرًا ممن انتسبوا لآل العزائم مُنحوا خصوصيات أدهشت العقول، فما لبثوا إلا وقد سلبوها، وبالبحث ظهر أن سلب تلك الخصوصيات كان لأمراض في النفس لا يمكن الجمع بينها وبين المواهب الإلهية).

 

فما هي المواهب الإلهية التي تحدث عنها الإمام أبو العزائم ومولانا السيد أحمد؟

 

المواهب الإلهية هي المنح التي تمنح لأهل طريقنا بقدر صدقهم في العقيدة، وصدقهم في الإخلاص، وصدقهم في المحبة في الطريق.

 

هذه المواهب عديدة وكثيرة، ولا تعطى للكل بشكل متساوي لتفاوت درجات صدق الإخوان في العقيدة والإخلاص والمحبة.

 

في طريقنا هناك من يُمنح علمًا يفوق بيانه بيان غيره، وهناك من يُمنح مالًا أكثر من أقرانه، وهناك من يُمنح حالًا يحسده الناس عليه.

 

أعلم أن سبب توزيع المواهب من أسباب عدم محبتكم لبعضكم البعض، حيث ينظر البعض لما في يد أخيه ويحسده، لكنني أقولها بوضوح تام: (إن العلم يُمنح لمن يستطيع أن يحمله فيفهمه ويُفهم به غيره، والمال يُعطى لمن ينفق على الدعوة وعلى إخوانه الفقراء، والحال يُعطى لمن يستطيع أن يجذب القلوب على إمامه، والولاية تكون لمن مُنح موهبة فحافظ عليها وجاهد نفسه فيها، فيفنى في حبنا، فينال بركتنا، ومن أعطي موهبة ولم يعطها حقها الذي مُنحت له من أجله، فمصيره هو السلب، كما أخبر مولانا السيد أحمد، وهم كثر كما أخبر).

 

كيف النجاة؟

 

 

قد يقول البعض: لماذا لا يمنح الكل نفس المواهب طالما أنهم في طريق واحد؟

 

سبب منح الموهبة أوضحته في السطور الماضية، أما حكمتها فهي: أن يكون جميع الإخوان في احتياج لبعضهم البعض، فيشكلون جميعًا جسدًا محمديًّا كاملًا، هذا لسان، وهذا عين، وهذا أذن، وهذا قلب، وهذا قدم، وهذا يد، ولكل دوره، وكلهم خير.

 

فلو كانت المواهب واحدة عند الجميع، لاستغنى كل واحد عن إخوانه، واكتفى بنفسه، فهو لديه الحال والمال والقال، فلماذا سيذهب لرؤية أخيه ويلتقي بإخوانه في حضرة أو مجلس علم.

 

لذلك كانت الحكمة أن يأخذ كل منكم جزءًا من المواهب الكاملة، فتتكاملون سويًّا، وعندما يحضر الجميع يأخذون من صاحب العلم، ويوسع صاحب المال عليهم، وينشر صاحب الحال حاله بينهم، فيعود الإخوان من مجلسهم، وقد شعر كل منهم بأنه كامل، وما كماله إلا بإخوانه، فيظل مرتبطًا بهم، ويحرص على رؤيتهم والجلوس معهم؛ حتى يشعر دومًا بكماله، وعندما يغيب عنهم وينفصل، يشعر بنقصه، فيذهب إليهم مرة أخرى.

 

هذا من الجانب الروحي، فهل هناك اتصال مادي؟

 

نعم.. هناك اتصال مادي، وهو سنة الإمام أبي العزائم بينكم بتقبيل يد بعضكم بعضًا؛ حتى يشعر كل واحد منكم بأن أخاه صاحب فضل عليه، فهذا يفيض عليه علمًا، وهذا يفيض عليه حالًا، وهذا يوسع عليه من ماله، ولأنكم سواسية في احتياجكم لبعضكم البعض، فيقبل كل واحد منكم يد أخيه.

 

كل هذه المعاني الغائبة حتى في أبسط السنن والعادات، هي أساس الطريق، من وعيها بحكمتها؛ أحب إخوانه لحبه لإمامه.

 

رسالة لمحبينا

 

 

أحبائي

 

أحبوا بعضكم، وأحبونا، فهذا أساس طريقنا، ومن لم يكن في قلبه حبًّا لإخوانه، فليزرعه سريعًا؛ حتى يجني ثماره.

 

تخيلوا معي أنكم جميعًا صدقتم في العقيدة والإخلاص والمحبة، وأفيضت عليكم المواهب الإلهية، وقتها ستعيشون في أحوال عظيمة، وسيرزقكم الله جميعًا من أوسع الأبواب، وسيفاض عليكم فهم لعلوم إمامكم لم تسمعوا عنه من قبل؛ حتى أن الواحد منكم ليقرأ كلام إمامه بعينه فتنقش المعاني في قلبه في نفس اللحظة، وهي الحال التي وصل إليها صفوة رجال الطريق.

 

أو ستجدون لسانكم يتحدث بعلوم إمامكم ببلاغة فائقة فينجذب الناس إليها، ببركة إمامكم.

 

وغيرها الكثير والكثير مما سمعتموه وعاينتموه من إخوانكم الذين سبقوكم بالإيمان، أو المعاصرين لكم، الذي جهروا بعلومهم أو ستروا أحوالهم.

 

واعلموا أن البخيل في طريقنا لا يُمنح مالًا؛ لأن المال يُمنح لمن ينفق على الدعوة وعلى إخوانه الفقراء، فتخلصوا من البخل والحرص، وأحبوا إخوانكم وأنفقوا يعوضكم الله أضعافًا مضاعفة.

 

أريد أن أراكم جميعًا بعد قراءة هذا المقال وقد صفيتم قلوبكم صفاءً لا كدر فيه.. صفاء ينير حياتكم.. صفاء يظهر بوضوح للجميع.. صفاء يجعل إمامكم فخورًا بكم.

 

ما كتبته لكم دعوة صادقة من قلب محب لمحبيه، فأخلصوا في الحب تنالوا القرب، واخلصوا في المحبة تحظون بالصحبة.

 

وأختم بقول الإمام أبي العزائم: [فيا إخواني: ليس الطريق لنكون فرقًا مختلفين، وعُصَبًا متنافرين، وشيعًا متباغضين، قلوب على الحظ والهوى عقدت، وبالدنيا وما فيها اطمأنت، وللشهرة والسمعة طلبت؛ حتى أصبح المسلمون – وهم كثيرون – قليلًا، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103)، إذا كان المراد من الطريق النجاة والفوز بالسعادة الأبدية، فهل النجاة أن يبغض المسلم أخاه؟ وأن يذم كل فريق من خالفه؟ وأن يقوم كل قادر أن يتكلم بالذم والتكفير واللعن فيتكلم؟ هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب المَنفِّرين؟ هل كان صلى الله عليه وآله وسلم سبَّابًا لعَّانًا صخَّابًا في الأسواق؟ .. تنزه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد مدحه الله تعالى بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4) وقوله سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) (آل عمران: 159) وقد نبهنا الله سبحانه بقوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) (الأحزاب: 21)].

 

أسأل الله أن أراكم جميعًا على الصورة التي ترضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإمامنا أبو العزائم رضي الله عنه.

 

وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.

 

 

عن الاسلام وطن

شاهد أيضاً

لماذا كثر المدعون للنبوة والمهدوية في زماننا؟

إذا كانت القضية تتعلق بالأوهام الدينية، فإن إمام العصر الذي أقامه الله بين الناس هاديًا …